10 October, 2018

البيئة الحاضنة للشركات الناشئة في مصر تمتلك إمكانات واعدة، لكن انخفاض قيمة العملة تتسبّب في إبطاء النمو




يبدو أن تخفيض قيمة العملة كان لها تأثير ملموس على منظومة الشركات الناشئة في مصر. حيث تواجه رواد الأعمال تحديات كبيرة للمحافظة على الإيرادات، والحصول على التمويل، واستقطاب المواهب الجيدة، مع أن البلاد تمتلك واحدة من البيئات الأكثر حيوية للشركات الناشئة على مستوى المنطقة.

نظمت "ومضة" فعاليتها الرائدة للتواصل وتبادل الخبرات "مكس آند منتور" في القاهرة يوم 27 سبتمبر، حيث التقت مجموعة من الشخصيات البارزة من منظومة الشركات الناشئة في الحرم اليوناني بالجامعة الأمريكية بالقاهرة لمناقشة تلك التحديات.

وتضمّنت قائمة المشاركين كلاً من: أحمد الألفي من Sawari Ventures؛ وخالد إسماعيل من Kiangel؛ ومصطفى خاطر من Flat6Labs، ومحمد بهاء، الشريك الإداري في NGage للاستشارات؛ وحبيبة حلمي، مديرة حاضنة الأعمال MINT في البنك المصري الخليجي؛ وطارق أسعد، الشريك الإداري في Algebra Ventures؛ وعمرو صالح، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي في Elkrem.

وتعليقاً على بيئة الاستثمار في الشركات الناشئة في مصر، قال فارس غندور، الشريك في "ومضة": "كان 2018 عاماً مميزاً بالنسبة إلى الشركات الناشئة في مصر. لقد رأينا عدداً من الشركات تستكمل جولات استثمارية أكبر وفي مراحل لاحقة من أعمالها. كما أن السوق المحلية ضخمة، وتتمتع بإمكانات هائلة لتأسيس شركات رائعة. ولا شك في أن استثمارنا في شركتان مؤخراً، Aqarmap و CrowdAnalyzer، يعتبر دليلاً واضحاً على ثقتنا في السوق".

لكن لدى غندور بعض التحفظات، فقد أوضح: "بالرغم من ثقتنا في إمكانات السوق، لا تزال هناك العديد من العقبات التي يجب على المعنيين ضمن البيئة الحاضنة التطرّق إليها. ولقد كان لتخفيض قيمة العملة أثر ملحوظ على مشهد تأسيس الشركات - فهناك فجوة تمويلية ينبغي معالجتها، بالإضافة إلى مشكلة توظيف المواهب من أصحاب الخبرة أو الاحتفاظ بها. ومع فعالية "مكس آند منتور"، نأمل أن نجمع هؤلاء الأفراد لتبادل الخبرات والتوصل إلى طرق لتعزيز بيئة ريادة الأعمال في البلاد".

وقـرّر البنك المركزي المصري تعويم عملته المحلية في نوفمبر 2016، بتخفيض قيمة الجنيه بنسبة 48٪ من أجل تأمين قرض قدره 12 مليار دولار أميركي من صندوق النقد الدولي. ونتيجة لذلك، تراجعت القوة الشرائية وارتفعت معدلات التضخم، بينما ازدادت تكاليف الاقتراض للشركات، مما فرض ضغوطاً على رواد الأعمال والشركات الناشئة.

وقال عمرو صالح، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي في شركة Elkrem التي توفر الأجهزة والأدوات البرمجية للمطوّرين لبناء منتجات بتقنية البلوك تشين: "أثّر تخفيض قيمة العملة على الشركات الناشئة بطريقتين، واحدة منها في السوق نفسها - فالإيرادات تراجعت لأن الكثير من الناس أصبحوا غير قادرين على الشراء. نحن لم نواجه هذه المشكلة لأننا نصدر لأسواق عالمية، لكنها أثّرت علينا بشكل أكبر من ناحية استقطاب المواهب، حيث يصعب ا إيجادها".

ويعد توظيف الكوادر في مناصب عليا مشكلة شائعة بين العديد من الشركات الناشئة التي حضرت الفعالية. وبوجه عام، فإن مصر لديها خريجين جامعيين بمؤهلات عالية، وخاصة المهندسين ممن تجذبهم الشركات العالمية بصورة متزايدة. وتتنافس الشركات المحلية الآن مع نظيراتها الدولية على استقطاب هذه المواهب الجيدة.

وقال أحمد الألفي، رئيس مجلس إدارة Sawari Ventures، شركة رأس المال المخاطر التي تركز على أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "المشكلة الأكبر، وخاصة بالنسبة إلى المواهب في المناصب العليا، هي أننا لا نملك ما يكفي من المال ضمن منظومة الأعمال الناشئة لدفع الرواتب التي يتوقعونها. إن الشركات في الخارج تعتمد على قدرات مواهبنا، لكننا نريدهم الاعتماد عليها هنا. يجب ألا يذهب كبار المهندسين إلى أي مكان [خارج مصر] من أجل العمل في شركة ناشئة".

ووفقاً للمتحدثين، لا بد لمعالجة هذه المشكلة أن يكون هناك المزيد من خيارات التمويل، والمستثمرين، والحاضنات والمسرّعات، فضلاً عن إجراء تغييرات في البيئة التنظيمية لتمكين الشركات الناشئة من إعطاء موظفيها خيارات لشراء أسهمها بأسعار ثابتة ومحددة.

وخلال جلسات تبادل الخبرات، طلب رواد الأعمال المشورة من شخصيات مميزة مثل بول هوين، مدير تنفيذي سابق في "جوجل"، وطارق أسعد، الشريك الإداري في شركة Algebra Ventures ومقرها مصر. وقد شدّد الحضور أنه بالإضافة إلى الموهبة، يمثل اكتساب العملاء واستقطاب الاستثمار مشكلتين رئيسيتين تواجهها الشركات الناشئة في مصر.

وعلى الرغم من هذه التحديات، ساد شعور بالتفاؤل بين أوساط المشاركين. فمع عدد سكانها الذي يبلغ حوالي 100 مليون نسمة، تعد مصر السوق الأكبر في الشرق الأوسط بالرغم من انخفاض قوتها الشرائية مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي. ويعيش في القاهرة وحدها 26 مليون نسمة، ما يجعلها واحدة من أكبر المدن في إفريقيا، وسوقاً ضخمة للشركات الناشئة التي تتطلع لتجربة جدوى الأفكار وتوسيع نطاق منتجاتها.

وأعلنت شركة Sawari Ventures مؤخراً عن صندوق استثماري بقيمة مليار جنيه مصري، في حين أشار المدير الإداري لشركة Fat6Labs مصطفى خاطر إلى مبادرة جديدة مرتقبة للشركات الناشئة العام المقبل. وتشجّع الحكومة أيضاً نمو قطاع الشركات الناشئة كمحرّك للاقتصاد، والذي يشهد ارتفاعاً مطرداً في معدل الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وأضاف الألفي: "هناك وعي بين أوساط الحكومة بأنه يتوجب علينا أن نجعل الأمور أبسط بالنسبة إلى رواد الأعمال والأشخاص الذين يقومون بتمويل مشاريعهم الخاصة من أجل تحقيق النمو الاقتصادي. فقبل سبع سنوات، كانت هذه الشريحة تشكّل على الأرجح 90 ٪ الطلبة في عامهم الأول أو الثاني من الجامعة، لكن المواهب التي تنضم الآن إلى الشركات الناشئة تتمتع بخبرة أكبر، كما أنهم يمثّلون استثماراً أفضل نظراً لخبراتهم".
=