المنصة المفتوحة تتيح الوصول إلى بيانات الفيديو الموثوقة وأفضل تحليلات الفيديو لتعزيز الأمان والذكاء في المدن
تواصل دبي ريادتها في تطوير تقنيات المرور الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي ضمن إطار "استراتيجية الذكاء الاصطناعي 2030"، وذلك من خلال أنظمة تحكم مروري متقدمة تشرف عليها هيئة الطرق والمواصلات، بهدف إحداث نقلة نوعية في منظومة التنقل الحضري.
وتبرز في هذا السياق فرصة جديدة للمدن الذكية مثل دبي، إذ أطلقت شركة مايلستون سيستمز مشروع "هافنيا" — وهو مشروع تعاوني يهدف إلى بناء مكتبة بيانات متوافقة مع الأطر التنظيمية وتطوير نماذج ذكاء اصطناعي عالية الأداء تُعرف باسم "نماذج اللغة البصرية".
ولم يعد وادي السيليكون وحده مركز ثقل التحول الرقمي للمدن، إذ باتت مدينة دوبيوك الصغيرة في ولاية آيوا الأمريكية منصة اختبار حيّة لإدارة المرور المعززة بالذكاء الاصطناعي، بفضل التعاون الفريد بين القطاعين العام والخاص بقيادة مايلستون سيستمز ضمن إطار مشروع "هافنيا".
التحدي: ذكاء اصطناعي واعد يقابله ضعف في جودة البيانات
رغم الانتشار الواسع للكاميرات في المدن، لا تزال الجهات المعنية تواجه صعوبة في استخراج معلومات فورية ومفيدة من الفيديو. فالنماذج المعتمدة على بيانات تركيبية أو عامة غالباً ما تفشل في التكيف مع البيئات الواقعية المعقدة، ما يؤدي إلى ارتفاع نسب الإنذارات الخاطئة ويجعل استخدامها اليومي — لا سيما في التطبيقات الحرجة زمنياً مثل إدارة المرور — أمراً غير عملي، ويحول دون تحقيق الاستفادة القصوى من التحليلات الفورية لتحسين التنقل والسلامة والاستجابة للطوارئ.
الحل: التعاون في مجال الابتكار بين القطاعين العام والخاص
يُعد مشروع "هافنيا" بقيادة مايلستون سيستمز نموذجاً ناجحاً لتطوير نموذج ذكاء اصطناعي عالي الكفاءة يعمل في بيئات واقعية. وقد تولّت مايلستون سيستمز قيادة المشروع على مدى 12 شهراً بدءاً من الفكرة وحتى التطبيق الفعلي، مع استثمار في تقنيات التدريب السحابي للذكاء الاصطناعي وعمليات توصيف الفيديو باحترافية.
وعلى خلاف النماذج التقليدية القائمة على علاقة المورّد والعميل، استند هذا التعاون إلى مبدأ القيمة المشتركة، حيث ساهم كل طرف بخبراته وموارده وبُناه التحتية لتحقيق هدف موحد.
وفي صميم هذا الإنجاز تقف استثمارات مايلستون سيستمز في إنشاء مكتبة بيانات آمنة وعالية الجودة ومتوافقة مع الأطر التنظيمية، تلبي متطلبات الشفافية وتتبع البيانات في ظل التطور المتسارع للتشريعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. وقد حوّلت الشركة لقطات المرور الخام من المدينة إلى بيانات تدريبية ذات قيمة عالية، ما أدى إلى قفزة في دقة النماذج من 80% إلى أكثر من 95%. فدون هذا الحد، تكون معدلات الخطأ مرتفعة، أما بعد تجاوزه، فتُفتح آفاق جديدة أمام المدن لتحسين الأداء والدقة.
النتائج: منصة موثوقة وقابلة للتوسع والتطبيق في مدن أخرى
بمشاركة أكثر من 100 كاميرا مرور في التجربة، أثبت مشروع "هافنيا" كفاءة الذكاء الاصطناعي في ظروف ميدانية متنوعة من حيث الإضاءة والطقس وكثافة حركة السير. والنتيجة كانت منصة قابلة للتوسع وإعادة الاستخدام، تُشكل نموذجاً يُحتذى به للمدن الراغبة في تطبيق عمليات حضرية مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
ويمكن الآن إعادة توظيف النماذج المطورة لمراقبة حركة المرور — مثل تصنيف المركبات، تتبع المشاة، واكتشاف الحالات المخالفات — لدعم السلامة العامة، والاستجابة للطوارئ، وتخطيط البنية التحتية على مستوى مختلف الدوائر الحكومية.
إطار جديد للتعاون بين القطاعين العام والخاص
وبالإضافة إلى الإنجازات التقنية، أسّس المشروع إطاراً جديداً للتعاون بين المدن ومزودي التكنولوجيا ومطوري المنصات. فقد تجاوزت الشراكة حدود العلاقة التقليدية بين البائع والمشتري، لتقوم على مبادئ تبادل القيمة المتوازنة.
وقد جمعت هذه الشراكة بين رؤى متعددة، وأسفرت عن حل مبتكر تطوّر بصورة عضوية من الفكرة إلى النموذج الأولي ثم التطبيق الكامل، بفضل مساهمة جميع الأطراف في تشكيل النتيجة النهائية.
لم يكن مشروع "هافنيا" مجرد نجاح في إدارة حركة المرور، بل شكّل نموذجاً حياً يُثبت أن الذكاء الاصطناعي الواقعي يمكن أن يعمل ويتوسع بطريقة أخلاقية وتعاونية.
إنه دليل على أن الاستثمار في البيانات والشراكات والشفافية يمكّن المدن — كبيرة كانت أم صغيرة — من إطلاق الإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي.