15 سبتمبر 2023
قلصت أسعار النفط الخام مكاسبها التي حققتها يوم أمس وذلك بعد بلوغها مستويات قياسية جديدة هذا العام وتمثل المزيد من المستويات المرتفعة التي لم نشهدها منذ منتصف نوفمبر من العام الفائت. حيث تراجعت العقود الفورية لخام برنت إلى مستوى 93.80 دولاراً للبرميل عند حوالي الساعة 3:30 ظهراً بتوقيت غرينيتش بعد أن وصلت إلى مستوى 94.58 دولاراً في ذروة الارتفاعات الممتدة منذ الأمس وذلك عند الساعة 4:00 فجراً بتوقيت غرينيتش. كذلك شهدنا عودة التراجعات إلى خام نفط غرب تكساس الوسيط (WTI) إلى مستوى 90.30 ظهر اليوم بعد أن بلغ مستوى 91.11 دولاراً فجرا اليوم. فيما يتجه كلا الخام نحو تسجيل ثالث أسبوع على التوالي من المكاسب.
فيما جاءت المكاسب لأسواق النفط اليوم بعد سلسلة من الأرقام الإيجابية التي صدرت من الاقتصاد الصيني. فمن بين أبرز البيانات، فقد شهدنا نمواً ملحوظاً أعلى من المتوقع للإنتاج الصناعي بنسبة 4.5% في أغسطس الفائت على أساس سنوي وهو الأعلى منذ أبريل الفائت. على نحو ملحوظ أيضاً، شهدنا نمواً أعلى من المتوقع لمبيعات التجزئة خلال نفس الفترة وعلى أساس سنوي وذلك بنسبة 4.6% وهو الأعلى منذ مايو الفائت إضافة إلى انخفاض طفيف في معدلات البطالة إلى 5.2% في أغسطس نزولاً من 5.3% في يوليو الفائت.
جاءت هذه الأرقام المشجعة بعد سلسلة سابقة من الأرقام السلبية التي شملت مختلف نواحي الاقتصاد الصيني. كذلك أتت مع المزيد من الإجراءات والخطط الحكومية لدعم القطاع الخاص وهذه المرة مع قيام بخفض متطلبات الاحتياطي النقدي الالزامي للمصارف وذلك بما قد يتيح المزيد من السيولة للمصارف لتوجيهيها نحو الإقراض بما يعزز النمو مجدداً.
كما رأينا عودة بعض المعنويات الإيجابية للأسواق بعد حديث البنك المركزي الأوروبي الأمس عن وصول أسعار الفائدة إلى ذروتها لمكافحة التضخم وذلك بعد قيامه بالرفع بمقدار 25 نقطة أساس.
على الرغم من المعنويات الإيجابية في أسواق النفط فقد رأينا ملاحظة سلبية من Commerzbank الذي يعتقد أن أسعار النفط قد تواجه المزيد من الضغوط في حال استمرار تراجع الطلب على البنزين في الولايات المتحدة وذلك بعد التراجع الأعلى من المتوقع خلال الأسبوع الفائت. فيما شهدنا ارتفاع مخزونات النفط الأمريكية والبنزين ونواتج التقطير بشكل أكبر بكتير من المتوقع وذلك خلال الأسبوع الفائت وفق البيانات المقدمة من إدارة معلومات الطاقة.
فيما يأتي إعادة ملئ هذه المخزونات بعد سلسلة سابقة من الانخفاضات الحادة في المخزونات على ضوء المخاوف من قيود المعروض المتوقعة وذلك مع استمرار منظمة الدول المصدر للنفط (OPEC)، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، في التمسك بخفض إنتاجها من النفط والتي قررت الاستمرار بخفض انتاجها من النفط بمقدار مليون برميل يومياً حتى نهاية هذا العام وذلك لدعم أسواق النفط.
أعتقد، في حال لم نشهد المزيد من تصاعد الأعمال العسكرية في البحر الأسود بما قد يعيق تدفع إمداد النفط الروسية، بأن العوامل الداعمة لأسواق النفط من جانب العرض قد قدمت ما بوسعها، فيما يجب أن ينتقل التركيز الأن إلى جوانب الطلب وهي ما يتعلق باستمرار تدفق المزيد من البيانات الاقتصادية الإيجابية من الاقتصاد الصيني واستمرار خطط الدعم الحكومي وذلك إلى جانب المزيد من الانتعاش في الاقتصاد الأمريكي والذي لا يزال يسجل نمواً أعلى من المتوقع على الرغم من بيئة أسعار الفائدة القاسية.